ألاتباع الاعمى داء أزلي
كتب/محمد العربي
الاتباع الاعمى... نعم هذا هو لُب المشكلة التي سقط فيها اهل الدين أو اهل اي مذاهب فكرية ظهرت عبر التاريخ. ففيما يخص المسلمون فتجدهم على ثلاثة صنف: 1. مقلد متهافت 2. متمدن ماقت 3. تارك مفارق. فالمقلد اتبع حنينه للماضي الذي انقطع عنه ليحاول ان يعيش حاضره في ماضيه ليس الا لمجرد الهيام في ذلك الماضي المنصرم. فتجده يسرد القصص ويحكيها بشوق ويعمل على نشرها مدعيا انها النموذج الخالد الذي به صلاح كل زمان ومكان. وفي هذا الصدد ربما يتجه لاحياء ما مات من تقاليد ماضيه المنشود عن طريق تقليد ملبس او مأكل أو اسلوب حياة اهل ذلك الزمان الغارب. هذا ما يدعيه نظرياً, اما الجانب العملي من المعادلة العتيقة فيظهر عقمها جليا عند الاصطدام بالواقع وبالحاضر. فلا تنبت البذرة من الاساس, وان نبتت لا تؤتي ثمارها المُعول عليها.
أما المتمدن الماقت فيريد أن يكون على النقيض تماما من الصنف السابق. لكنه يسقط في بلاعة المدنية الحديثة وما فيها من تعقيدات تجعل بساطة الحياة الانسانية تنفر منها وتستنكرها. وهذا الصنف يريد ان يمحو الماضي أو بمعنى أدق يحارب كل ما يمت بصلة الى الماضي لانه يصمه بالتخلف والرجعية المضادتتين للتحضر والمدنية. فالمدنية الحديثة رغم انها ثارت على تقاليد الازمنة الماضية التي لا تتفق مع نظيرتها الحالية, الا أنها ظلمت قطاعا كبيرا من الانسان بأن جعلته يرزح تحت شروط المدنية الظالمة المطلوبة منه حتي يصل لمستوى المدنية قرينة الرفاهية. وجعلت الانسان عبدا للرسميات والشكليات الفارغة من الجوهر والمعنى تباعا. فاذا بها تحتقر الانسان وتسمو بالمادة. وكانت سببا رئيسيا للفجوة الكبيرة بين أهل المعمورة وتقسيم عالمهم الى عالم اول وثاني وثالث. فمنهم من يعيش في ثراء فاحش (حيث المدنية الفارهة) ومنهم من يغمره الفقر المدقع واخر يجاهد ليصل للأولى وينجو من الثانية.
أما التارك المفارق فهو من اختار الا يسير على هذا ولا ذاك. فآثر التخبط في الحياة بلا هوية تُعرفه أو منهج يحكمه. يتبع رغباته وميوله ويسير تبعا لأهواءه المتغيره يوما بيوم. وربما هذا الصنف قد يكون على الارجح نتيجة عن الصنفين السابقين اللذين لم يوفقا بين العقل والعاطفة أو بين زمان وأخر. فهذا (التارك) للايام الخالية و (المفارق) لتعقيدات المدنية الحالية رأى ان يعيش طيرا حرا طليقا لا يأبه لما يدور من مجادلات بين اهل الماضي واهل الحاضر. ولطالما هُمش هذا الصنف الذي صار قوة مفتتة (اي غير متجمعة تحت شعار معين) لا يستهان بها. ويوم بعد يوم ينضم اليهم كل من مقت الانقياد الاعمى ذي الطابع العتيق أو ذي الشكل الحديث. فأي مذهب لا يخرج أتباعه عن الثلاثة صنف السالفة وبما فيهم مسلمو اليوم الذين استقوا دينهم من شرذمة لا تستطيع التوفيق بين معطيات الماضي ومتطلبات الحاضر. فضلوا وأضلوا من اتبعهم.
فنحن نفتقد لصنف المسلم المؤمن الذي ينظر ويتأمل ثم يستقرأ الحقائق من واقع يعيش فيه ويتأثر به. اما الانقياد الاعمى فينتج عن اعطال العقل واعمال القلب والمشاعر المضللة. الانقياد الاعمى هو المسبب الاكبر للتعصب الاحمق المتزمت أو التشدد الاهوج المتسلط. وكلاهما لا يمت بصلة الى المنهج القويم الذي دعا متبعيه ب"اقرأ" و "قل سيروا في الأرض ثم انظروا". الانقياد الاعمى هو سبب تشرذم المسلمين بادىء ذي بدء على احزاب وطرق وتجسدات. ثم انك تجد تللك الاحزاب لا تخلو من داء الانقياد المقيت, فتتشرذم هي ذاتها الى افرع واجنحة وهكذا وهكذا تدور في حلقة مفرغة.
No comments:
Post a Comment